المركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية National Center For Mental Health Promotion حيـــاة أفضــل
القائمة الرئيسية

نحو تعافٍ صحي من الاستعمال القهري للإباحية: من منظور سلوكي وعلاجي

نحو تعافٍ صحي من الاستعمال القهري للإباحية: من منظور سلوكي وعلاجي

 

في ظل التحول الرقمي، بات المحتوى الجنسي متاحًا على نطاق أوسع، وقد أسهم ذلك في انتشار أنماط من الاستعمال القهري للإباحية (أي: الاستعمال المتكرر للمحتوى الجنسي الرقمي إلى حد الإدمان)، الذي أظهرت الدراسات أنه قد يتخذ خصائص تشبه الإدمانات السلوكية الأخرى.

وبرغم إدراك كثير منهم لآثاره النفسية والاجتماعية، فلا يزالون عالقين في هذا النمط المتكرر من الاستخدام الرقمي الجنسي، مع أنه لا يحقق لهم الرضا ولا الإشباع الجنسي.

هذا المقال يعرض تصورًا سلوكيًّا وعلاجيًّا لفهم هذا النمط، ويستند إلى مراجعة علمية دقيقة لأهم المراجع المتخصصة.

1. ما الاستخدام القهري للمحتوى الجنسي الرقمي؟

يتّسم هذا النمط السلوكي بالخصائص التالية:

· فقدان السيطرة على التوقيت أو المدة.

· تصاعد في نوع المحتوى أو عدد مرات الرجوع إليه.

· الاستمرار برغم العواقب النفسية والاجتماعية.

· محاولة التوقف المتكررة دون نجاح.

· استخدام السلوك وسيلةً للهروب من المشاعر السلبية أو الضغط.

2. متى يصبح الأمر مشكلة تستدعي التقييم؟

تشير الدراسات النفسية إلى وجوب التدخل عند ملاحظة:

· تراجع جودة العلاقات أو الأداء العام.

· الشعور المتكرر بالخزي أو الذنب.

· التصاعد في المحتوى المستخدَم بما يتجاوز ميول الفرد الأصلية.

· الاعتماد عليه مهدئًا عاطفيًّا أو عند الشعور بالوحدة.

· ضَعف التفاعل مع العلاقات الحقيقية.

3. لماذا يصعب الامتناع دون علاج؟

أظهرت النماذج السلوكية أن الامتناع المباشر دون فهم السلوك ووظائفه النفسية غالبًا ما يؤدي إلى انتكاسات؛ إذ إن المحتوى الجنسي يُستخدم في كثير من الأحيان وسيلةً:

· لتسكين التوتر.

· أو تنظيم المشاعر.

· أو الهروب من الشعور بالفراغ أو الوحدة.

· أو لتحقيق وهْم بالسيطرة والانشغال المؤقت.

ولهذا، لا يكفي التوقف فقط، بل لا بد من مرافقة ذلك بفهمٍ ودعمٍ علاجي.

4. آثاره في الصحة النفسية والجنسية

قد يؤدي الاستخدام القهري إلى:

· تشوه في تصور العلاقة الحميمية.

· ضعف الاستجابة الحسية الواقعية.

· صعوبة التواصل الجنسي والعاطفي.

· تراجع في تقدير الذات.

· انعزال تدريجي عن الشريك أو العلاقات الواقعية.

5. مراحل التعافي: من الوعي إلى الاستقرار

يأتي التعافي في خمس مراحل رئيسة:

· الوعي: إدراك أن السلوك يحمل أبعادًا نفسية عميقة.

· الدافعية: ربط قرار التغيير بالقيم الأساسية لدى الفرد.

· الالتزام: تفهُّم أن التغيير التدريجي قد يترافق مع مقاومة داخلية.

· الأدوات العلاجية:

العلاج المعرفي السلوكي (CBT).

العلاج بالقبول والالتزام (ACT).

خطط إدارة المحفزات.

الدعم النفسي المتخصص (الفردي أو الجماعي).

· إدارة الانتكاسة: فهم أسبابها ومعالجتها دون تفسيرها على أنها فشل.

6. دعم العلاقات: التعافي لا يكون في العزلة

· للشريك/الشريكة: يمكن للعلاج المشترك أن يُعيد الثقة والانفتاح.

· للأسرة: الحوار الآمن وغير المُدين يخفف من الشعور بالعزلة.

 .للمختصين: عليهم تقديم أدوات تعافٍ تراعي الخصوصية والاحتياج الفردي.

7. خطوات أولى عملية

· كتابة محفزات الاستخدام والانفعالات المرتبطة به.

· وضع خطة بديلة في لحظات الإلحاح (نشاط بدني، تواصل، تعبير كتابي).

· تقليل العزلة، وتنظيم الروتين اليومي.

· التوجه إلى دعم نفسي مهني عند تكرار الإخفاق أو الشعور بالانفصال.

خاتمة

إن التعامل مع هذا النمط السلوكي لا يتطلب جلد الذات، بل:

· فهمًا عميقًا لما وراء السلوك.

· وتعاطفًا حقيقيًّا مع الذات.

· والتزامًا واقعيًّا نحو التغيير.

التعافي ليس بعيدًا، بل هو قريب، ويبدأ بخطوة يسيرة؛ أن تقول:

"أستحق حياة أكثر اتزانًا، وارتباطًا، وصدقًا مع ذاتي".

مصدر1 مصدر2 مصدر3